فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}

 
بوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

منتديات فارس أون لاين ::   ::   :: منتديات العالم الأسلامي ::   :: قسم الفتاوي :: قائمة بالعلماء و المفتين :: شيخ الإسلام ابن تيمية

 
شاطر
بيانات كاتب الموضوع
فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الوزير
الرتبه:
الوزير
الصورة الرمزية
 

البيانات
عدد المساهمات : 999
نقاط : 87335
التقيم : 1
تاريخ التسجيل : 06/01/2010
 
 

 

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

 

موضوع: فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}  Emptyالأربعاء نوفمبر 10, 2010 11:33 pm






السؤال:

فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}

المفتي:

شيخ الإسلام ابن تيمية

الإجابة:

فصــل:

وأما المسألة الرابعة، فقوله "إذا جف القلم بما هو كائن‏"‏‏، فما معنى قولـه‏:‏ ‏{‏‏ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 60 ‏]‏، وإن كان الدعاء أيضاً مما هو كائن فما فائدة الأمر به ولابد من وقوعه‏؟‏

فيقال‏:‏ الدعاء في اقتضائه الإجابة كسائر الأعمال الصالحة في اقتضائها الإثابة، وكسائر الأسباب في اقتضائها المسببات، ومن قال‏:‏ إن الدعاء علامة ودلالة محضة على حصول المطلوب المسئول ليس بسبب، أو هو عبادة محضة لا أثر له في حصول المطلوب وجوداً ولا عدماً، بل ما يحصل بالدعاء يحصل بدونه، فهما قولان ضعيفان، فإن الله علق الإجابة به تعليق المسبب بالسبب كقوله‏:‏ ‏{‏‏وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏60‏]‏، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال"ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه بها إحدى خصال ثلاث‏:‏ إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخر له من الخير مثلها، وإما أن يصرف عنه من الشر مثلها‏‏ قالوا‏:‏ يا رسول الله ‏!‏ إذا نكثر قال‏:‏ ‏‏الله أكثر‏"‏‏، فعلق العطايا بالدعاء تعليق الوعد والجزاء بالعمل المأمور به، وقال عمر بن الخطاب‏:‏ إني لا أحمل هم الإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه، وأمثال ذلك كثير‏.

‏‏ وأيضاً، فالواقع المشهود يدل على ذلك ويبينه، كما يدل على ذلك مثله في سائر الأسباب، وقد أخبر سبحانه من ذلك ما أخبر به في مثل قوله‏:‏ ‏{‏‏وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ‏}‏‏ ‏[‏الصافات‏:‏75‏]‏، وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ‏.‏ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏87- 88‏]‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ‏}‏‏ ‏[‏النمل‏:‏62‏]‏، وقوله تعالى عن زكريا‏:‏ ‏{‏‏رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ‏.‏ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏89- 90‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ‏}‏‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏56‏]‏، وقال تعالى ‏:‏‏{‏‏وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ‏.‏ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنْ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ‏.‏ أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ‏.‏ وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 32-35‏]‏‏.

‏‏ فأخبر أنه إن شاء أوبقهن؛ فاجتمع أخذهم بذنوبهم وعفوه عن كثير منها مع علم المجادلين في آياته أنه ما لهم من محيص؛ لأنه في مثل هذا الحال يعلم المورد للشبهات في الدلائل الدالة على ربوبية الرب وقدرته ومشيئته ورحمته أنه لا مخلص له مما وقع فيه، كقوله في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏‏وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ‏}‏‏ ‏[‏الرعد ‏:‏130‏]‏ فإن المعارف التي تحصل في النفس بالأسباب الاضطرارية أثبت وأرسخ من المعارف التي ينتجها مجرد النظر القياسي الذي ينزاح عن النفوس في مثل هذه الحال هل الرب موجب بذاته، فلا يكون هو المحدث للحوادث ابتداء، ولا يمكنه أن يحدث شيئاً ولا يغير العالم حتى يدعي ويسأل‏؟‏ وهل هو عالم بالتفصيل والإجمال، وقادر على تصريف الأحوال، حتى يسأل التحويل من حال إلى حال‏؟‏ أو ليس كذلك كما يزعمه من يزعمه من المتفلسفة وغيرهم من الضلال، فيجتمع مع العقوبة والعفو من ذي الجلال، علم أهل المراء والجدال، أنه لا محيص لهم عما أوقع بمن جادلوا في آياته وهو شديد المحال، وقد تكلمنا على هذا وأشباهه وما يتعلق به من المقالات والديانات في غير هذا الموضع‏.

‏‏ والمقصود هنا أن يعلم أن الدعاء والسؤال هو سبب لنيل المطلوب المسئول ليس وجوده كعدمه في ذلك، ولا هو علامة محضة، كما عليه الكتاب والسنة، وإن كان قد نازع في ذلك طوائف من أهل القبلة وغيرهم، مع أن ذلك يقر به جماهير بني آدم من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين، لكن طوائف من المشركين والصابئين من المتفلسفة المشائين أتباع أرسطو ومن تبعه من متفلسفة أهل الملل كالفارابي وابن سينا ومن سلك سبيلهما ممن خلط ذلك بالكلام والتصوف والفقه ونحو هؤلاء يزعمون أن تأثير الدعاء في نيل المطلوب كما يزعمونه في تأثير سائر الممكنات المخلوقات من القوى الفلكية والطبيعية والقوى النفسانية والعقلية، فيجعلون ما يترتب على الدعاء هو من تأثير النفوس البشرية من غير أن يثبتوا للخالق سبحانه بذلك علماً مفصلا أو قدرة على تغيير العالم، أو أن يثبتوا أنه لو شاء أن يفعل غير ما فعل لأمكنه ذلك، فليس هو عندهم قادراً على أن يجمع عظام الإنسان ويسوى بنانه، وهو سبحانه هو الخالق لها ولقواها، فلا حول ولا قوة إلا بالله‏.

‏‏

وأما قوله‏:‏ وإن كان الدعاء مما هو كائن، فما فائدة الأمر به ولابد من وقوعه‏؟‏

فيقال ‏:‏الدعاء المأمور به لا يجب كوناً، بل إذا أمر الله العباد بالدعاء فمنهم من يطيعه فيستجاب له دعاؤه، وينال طلبته، ويدل ذلك على أن المعلوم المقدور هو الدعاء والإجابة، ومنهم من يعصيه فلا يدعو فلا يحصل ما علق بالدعاء، فيدل ذلك على أنه ليس في المعلوم المقدور الدعاء ولا الإجابة، فالدعاء الكائن هو الذي تقدم العلم بأنه كائن‏.‏ والدعاء الذي لا يكون هو الذي تقدم العلم بأنه لا يكون‏.‏

فإن قيل‏:‏ فما فائدة الأمر فيما علم أنه يكون من الدعاء‏؟‏ قيل‏:‏ الأمر هو سبب أيضاً في امتثال المأمور به، كسائر الأسباب، فالدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإن كان سبب البلاء أقوي لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه؛ ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق، والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد الثامن.
















 الموضوع الأصلي : فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} //   المصدر : منتديات فارس أون لاين // الكاتب: sms


المعلومات
الكاتب:
اللقب:
مراقــب عام
الرتبه:
مراقــب عام
الصورة الرمزية
 
شبح مصر

البيانات
ذكر
عدد المساهمات : 959
نقاط : 85475
التقيم : 12
تاريخ الميلاد : 02/08/1994
تاريخ التسجيل : 29/07/2010
العمر : 30
الموقع : byjustice
العمل/الترفيه : st
الأوسمة : فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}  1_125911
 
 

 

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

 

موضوع: رد: فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}  Emptyالجمعة نوفمبر 12, 2010 2:06 am






شكرا لك اخي















 الموضوع الأصلي : فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} //   المصدر : منتديات فارس أون لاين // الكاتب: شبح مصر


فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» سئل عن معنى قوله تعالى: {ما ننسخ من آية}
» فصل في تفسير قوله تعالى: {ما لهم به من علم}
» فصل في قوله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}
» سئل عن قوله تعالى: {ومن دخله كان آمناً}
» تفسير قوله تعالى: {ثم قضى أجلاً}


الكلمات الدليلية (Tags)
لا يوجد


الــرد الســـريـع
..

هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
الرد السريع

خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} , فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} , فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} ,فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} ,فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} , فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم} ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
>




مواضيع ذات صلة


فصل في قوله تعالى: {ادعوني أستجب لكم}  Cron
تصميم منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين