>



فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}

 
بوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

منتديات فارس أون لاين ::   ::   :: منتديات العالم الأسلامي ::   :: قسم الفتاوي :: قائمة بالعلماء و المفتين :: شيخ الإسلام ابن تيمية

 
شاطر
بيانات كاتب الموضوع
فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}
كاتب الموضوعرسالة
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الوزير
الرتبه:
الوزير
الصورة الرمزية
 

البيانات
عدد المساهمات : 999
نقاط : 86744
التقيم : 7
تاريخ التسجيل : 23/08/2009
 
 

 

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:

 

موضوع: فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  Emptyالأحد سبتمبر 26, 2010 3:00 am






السؤال:

فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}

المفتي:

شيخ الإسلام ابن تيمية

الإجابة:

فصــل:

قوله تعالى علواً كبيراً‏:‏ ‏{‏‏عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ‏} ‏[‏المائدة‏:‏105‏]‏، لا يقتضى ترك الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، لا نهياً ولا إذناً، كما في الحديث المشهور فى السنن عن أبى بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه خطب على منبر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها فى غير موضعها، وإني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول "إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يَعُمَّهُم اللّه بعقاب منه‏"‏‏‏.‏

وكذلك فى حديث أبى ثعلبة الخشنى مرفوعا في تأويلها "إذا رأيت شُحّا مُطاعا، وهَوًى متبعًا، وإعجاب كل ذي رأى برأيه، فعليك بخويْصة نفسك‏"‏‏‏.‏

وهذا يفسره حديث أبى سعيد فى مسلم‏ "‏‏من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان‏"‏‏‏.

‏‏ فإذا قوى أهل الفجور حتى لا يبقي لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب سقط التغيير باللسان فى هذه الحال، وبقى بالقلب‏.‏

والشح هو شدة الحرص التي توجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهته، و‏(‏الهوى المتبع‏)‏ فى إرادة الشر ومحبته و‏(‏الإعجاب بالرأي‏)‏ فى العقل والعلم، فذكر فساد القوى الثلاث التي هي العلم والحب والبغض، كما فى الحديث الآخر‏‏"ثلاث مهلكات، شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه‏"‏‏، وبإزائها الثلاث المنجيات "خشية اللّه فى السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق فى الغضب والرضا"‏‏، وهي التي سألها في الحديث الآخر ‏‏"اللهم إني أسألك خشيتك فى السر والعلانية، وأسألك كلمة الحق فى الغضب والرضا، وأسألك القصد فى الفقر والغنى‏"‏‏‏.‏

فخشية اللّه بإزاء إتباع الهوى؛ فإن الخشية تمنع ذلك، كما قال‏:‏ ‏{‏‏وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى}‏‏ ‏[‏النازعات‏:‏40‏]‏، والقصد فـي الفقـر والغنى بإزاء الشح المطاع، وكلمة الحق فى الغضب والرضا بإزاء إعجاب المرء بنفسه، وما ذكره الصديق ظاهر؛ فإن اللّه تعالى قال‏:‏ ‏{‏‏عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ‏} أي‏:‏ الزموها وأقبلوا عليها، ومن مصالح النفس فعل ما أمرت به من الأمر والنهي، وقال‏:‏ ‏{‏‏لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ‏} وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدى الواجب من الأمر النهي و غيرهما، ولكن فى الآية فوائد عظيمة‏:‏

أحدها‏:‏ ألا يخاف المؤمن من الكفار والمنافقين فإنهم لن يضروه إذا كان مهتديا‏.

‏‏ الثاني‏:‏ ألا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم؛ فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران فى قوله‏:‏ {‏‏وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏ 127‏]‏‏.

‏‏ الثالث‏:‏ ألا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله‏:‏ ‏{‏‏لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ‏} ‏[‏الحجر‏:‏88‏]‏، فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم فى آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم فى آية، فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم، إما راغبا وإما راهباً‏.

‏‏ الرابع‏:‏ ألا يعتدي على أهل المعاصي بزيادة على المشروع فى بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم‏:‏ عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت، كما قال‏:‏ ‏{‏‏وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ}‏‏ الآية ‏[‏المائدة‏:‏8‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏190‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏193‏]‏، فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يتعدى ‏[‏فى المطبوعة‏:‏يعتدي‏:‏ والصواب ما أثبتناه‏]‏ حدود اللّه، إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين والفاسقين والعاصين‏.

‏‏ الخامس‏:‏ أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد؛ فإن ذلك داخل في قوله‏:‏ ‏ {‏‏عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ‏}‏‏ وفى قوله‏:‏ ‏{‏‏إِذَا اهْتَدَيْتُمْ‏}‏‏‏.‏

فهذه خمسة أوجه تستفاد من الآية لمن هو مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيها المعنى الآخر، وهو إقبال المرء على مصلحة نفسه علما وعملا، وإعراضه عما لا يعنيه، كما قال صاحب الشريعة "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه‏"‏‏، ولاسيما كثرة الفضول فيما ليس بالمرء إليه حاجة من أمر دين غيره ودنياه،لاسيما إن كان التكلم لحسد أو رئاسة‏.‏

وكذلك العمل، فصاحبه إما معتد ظالم، وإما سفيه عابث، وما أكثر ما يصور الشيطان ذلك بصورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل اللّه، ويكون من باب الظلم والعدوان‏.

‏‏ فَتَأمُّل الآية فى هذه الأمور من أنفع الأشياء للمرء، وأنت إذا تأملت ما يقع من الاختلاف بين هذه الأمة علمائها وعبادها وأمرائها ورؤسائها ـ وجدت أكثره من هذا الضرب الذي هو البغي بتأويل أو بغير تأويل، كما بغت الجهمية على المستنة فى محنة الصفات والقرآن؛ محنة أحمد وغيره، وكما بغت الرافضة على المستنة مرات متعددة، وكما بغت الناصبة عَلَى عِليّ وأهل بيته، وكما قد تبغي المشبهة على المنزهة، وكما قد يبغى بعض المستنة إما على بعضهم وإما على نوع من المبتدعة، بزيادة على ما أمر اللّه به، وهو الإسراف المذكور فى قولهم‏:‏ ‏{‏‏ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا}‏‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 147‏]‏‏.

‏‏ وبإزاء هذا العدوان تقصير آخرين فيما أمروا به من الحق، أو فيما أمروا به من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فى هذه الأمور كلها، فما أحسن ما قال بعض السلف‏:‏ ما أمر الله بأمر إلا اعترض الشيطان فيه بأمرين لا يبالي بأيهما ظفر غلو أو تقصير‏.‏

فالمعين على الإثم والعدوان بإزائه تارك الإعانة على البر والتقوى، وفاعل المأمور به وزيادة منهي عنها بإزائه تارك المنهي عنه وبعض المأمور به، واللّه يهدينا الصراط المستقيم، ولا حول ولا قوة إلا باللّه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الرابع عشر.
















 الموضوع الأصلي : فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} //   المصدر : منتديات فارس أون لاين // الكاتب: فهد


المعلومات
الكاتب:
اللقب:
رئيس الوزراء
الرتبه:
رئيس الوزراء
الصورة الرمزية
 

البيانات
ذكر
عدد المساهمات : 1000
نقاط : 85783
التقيم : 1
تاريخ التسجيل : 06/01/2010
الموقع : https://faresonline.yoo7.com/
 
 

 

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
وسائل الإتصال:
https://faresonline.yoo7.com/

 

موضوع: رد: فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 1:36 am






 فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  Goodwayinlifecom91















 الموضوع الأصلي : فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} //   المصدر : منتديات فارس أون لاين // الكاتب: seif2


فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

مواضيع مماثلة

-
» فصل في تفسير قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم}
» فصل في تفسير قوله تعالى: {ما لهم به من علم}
» تفسير قوله تعالى: {ثم قضى أجلاً}
» فصـل في تفسير قوله تعالى {فلم تقتلوهم}
» تفسير قوله تعالى {لقد تاب الله على النبي}


الكلمات الدليلية (Tags)
لا يوجد


الــرد الســـريـع
..

هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
الرد السريع

خــدمات المـوضـوع
 KonuEtiketleri كلمات دليليه
فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} , فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} , فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} , فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} , فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} , فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}
 KonuLinki رابط الموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذا وجدت وصلات لاتعمل في الموضوع او أن الموضوع [ فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} ] مخالف ,, من فضلك راسل الإدارة من هنا
>




مواضيع ذات صلة


 فصل في تفسير قوله تعالى: {عليكم أنفسكم}  Cron
تصميم منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين

منتديات فارس أون لاين